بقلم رون بوسو وديمتري جدانيكوف وأليكس لولر

لندن (رويترز) – عندما همس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أذن نظيره الأمريكي جو بايدن الشهر الماضي بأن السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، لديها طاقة إنتاجية فائضة ضئيلة للغاية، بدا الرئيس الأمريكي مندهشًا.

من المقرر أن يزور بايدن الرياض هذا الشهر ومن المرجح أن يسمع نفس الرسالة الواقعية لا تعتمد كثيرًا على المملكة للمساعدة في استبدال النفط الروسي.

ومقدار ما يمكن للمملكة العربية السعودية – التي يُنظر إليها على أنها “البنك المركزي” للنفط العالمي – أن تضخ في الواقع سرًا من أسرار الصناعة، وغالبًا ما تتزايد الشكوك حول هذا الأمر في أوقات الضغط المتزايد على الإنتاج العالمي. أثبتت المملكة، التي تقول إنها تستطيع ضخ 12 مليون برميل يوميًا، خطأ المشككين في الماضي.

ولكن في الوقت الذي يواجه فيه العالم واحدة من أسوأ أزمات الإمداد على الإطلاق، يتساءل المطلعون على الصناعة ومصادر أوبك وخبراء آخرون عما إذا كانت المملكة، التي تنتج حاليًا ما لا يقل عن 10.5 مليون برميل يوميًا، لديها بالفعل 1.5 مليون برميل أخرى في جعبتها. ضخ سريع ومستمر.

ومما يزيد الشكوك بشأن الطاقة الفائضة، أن المملكة العربية السعودية تضخ أقل من حصتها في أوبك، على الرغم من أسعار النفط شبه القياسية، وتظهر أرقام أوبك أن حفر آبار جديدة في المملكة العام الماضي ظل أقل بكثير من مستويات ما قبل الوباء.

صرح مصدر كبير في الصناعة التقى مؤخرًا بإدارة شركة النفط الحكومية التابعة لأرامكو السعودية (تداول ) بأنه قد تم إخباره أن الشركة لديها ما لا يزيد عن مليون برميل إضافي من الطاقة الاحتياطية المتاحة للضخ السريع.

وقال المصدر “إذا حان الوقت، فإن أرامكو لديها مليون برميل يوميا يمكن ضخها في السوق بسرعة نسبية، لكن هذا لا يمكن أن يستمر لفترة طويلة”.

وقت الاجتماع، كانت أرامكو تنتج 10.5 مليون برميل يوميًا، ما يعني أن إنتاجها لا يمكن أن يتجاوز 11.5 مليون برميل يوميًا. وامتنع المصدر عن ذكر اسمه لحساسية الموضوع.

وقال مصدر كبير آخر، نقلاً عن معلومات من محادثات خاصة مع مصادر مطلعة في أرامكو، إن معلوماته أظهرت أن أرامكو لا يمكنها ضخ أكثر من 11 مليون برميل يوميًا دون السحب من المخزونات في الداخل والخارج في الدول المستهلكة مثل اليابان. هولندا ومصر.

ولم تفصح أرامكو عن مستوى المخزونات لكن الصناعة تقدر أن الشركة قادرة على سحب ما بين 0.3 و 0.5 مليون برميل يوميا لمدة 60 إلى 90 يوما.

قال جاري روس المراقب المخضرم لأوبك والشؤون السعودية، إن الطاقة الإنتاجية السعودية قد لا تتجاوز 11 مليون برميل يوميا، لأن معدلات الحفر المنخفضة في السنوات الماضية فشلت في تعويض الخسائر في الطاقة الحالية.

* أرامكو تعمل على خطة للنمو

وقالت أرامكو في بيان لرويترز إن الشركة تحافظ على طاقة مستدامة قصوى تبلغ 12 مليون برميل يوميا وضخت هذه الكمية قبل نحو عامين.

وقالت الشركة “من الجدير بالذكر أنه في الربع الثاني من عام 2022 سجلنا إنتاجا يوميا قياسيا بلغ 12.1 مليون برميل يوميا”.

في عام 2022، استمرت معدلات الضخ هذه لبضعة أيام فقط، وقال متعاملون في سوق النفط إنهم اكتشفوا سحبًا كبيرًا للاحتياطيات من أرامكو.

“بينما نواصل تنفيذ خطط النمو لدينا لتعزيز الإنتاجية طويلة الأجل لخزانات النفط الخام السعودي، وتماشيًا مع توجيهات المملكة، فإننا نمضي قدمًا في خططنا لزيادة الطاقة الإنتاجية القصوى للشركة من 12 مليون برميل يوميًا إلى واضافت ان “13 مليون برميل يوميا بحلول عام 2027”.

كما أشار مراقبو أوبك إلى أنه مع إلغاء السعودية لتخفيضات الإنتاج التي تم الاتفاق عليها في خضم جائحة كورونا، ظهرت فجوة بين ما تقول السعودية إنها تنتجها وتقديرات مصادر الإنتاج الخارجية.

في مايو، قدرت مصادر ثانوية تستخدمها أوبك لتتبع إنتاجها إنتاج السعودية بنحو 10.42 مليون برميل يوميًا، أي أقل من حصتها بأكثر من 100 ألف برميل يوميًا وما قالت المملكة إنها تنتجه.

المصادر الثانوية، التي تشمل شركات استشارية وتقارير إخبارية نفطية متخصصة ووكالات تسعير، تختارها أوبك لمراقبة إنتاجها، بسبب الخلافات طويلة الأمد حول كمية النفط التي يضخها الأعضاء بالفعل.

وإذا اقترب الإنتاج من أقصى طاقته، فإن المملكة العربية السعودية محدودة في قدرتها على توفير أي زيادة فورية في الإنتاج لبايدن، حتى لو كانت تخدم أهداف الرياض. من المقرر أن تبدأ جولة بايدن في الشرق الأوسط في الفترة من 13 إلى 16 يوليو.

وقال ماكرون إن رئيس الإمارات أبلغه أن السعودية قد تزيد الإنتاج بمقدار 150 ألف برميل يوميا، أو ربما أكثر بقليل، ولن يكون لديها “طاقة (فائضة) ضخمة” لمدة ستة أشهر.

تضاءلت الطاقة الإنتاجية لأوبك بشكل عام بسبب عدد من العوامل، بما في ذلك فترات انخفاض أسعار النفط في ظل الفائض العالمي في 2014-2016، وانخفاض معدلات الحفر بسبب جائحة كوفيد في عام 2022.

وقال مندوب في أوبك “صناعة النفط في أعضاء أوبك تواجه نقصا في الاستثمار بسبب تراجع عائدات النفط.” وأضاف أن “هبوط أسعار النفط العالمية يؤثر دائما على مستويات الاستثمار في أنشطة المنبع”.

وأظهرت وثيقة أوبك الصادرة في يونيو (حزيران)، ة الإحصائية السنوية، أن النشاط السعودي المتعلق ببعض أعمال الاستكشاف والإنتاج الرئيسية سجل تعافيًا جزئيًا فقط من الوباء أو انخفض أكثر في عام 2022.

انخفض عدد الآبار المنجزة – عملية تحضير بئر للإنتاج – في المملكة العربية السعودية بمقدار 152 في عام 2022 إلى 314. وكان هذا هو الأدنى منذ عام 2017 على الأقل، وكان الانخفاض السنوي يقارب نصف الانخفاض الإجمالي في أوبك.

ارتفع عدد الحفارات العاملة في المملكة العربية السعودية من ستة إلى 65 في عام 2022، على الرغم من أن الإجمالي ظل أقل بكثير من متوسط ​​117 حفارًا نشطًا في 2017-2022.

وقالت فيريندرا تشوهان من مركز أبحاث إنرجي أسبكتس “في عام 2022، كانت عمليات استكمال الآبار في أوبك أقل من نصف ذروتها في عام 2014. تخسر المنظمة حوالي مليون برميل يوميًا من طاقتها سنويًا بسبب الانكماش”.

وأضافت “المنتجون الخليجيون لم يكونوا بمنأى عن التراجع، لذا انخفض عدد الآبار المنجزة في السعودية”.

(في التغطية مها الدهان – اعداد مصطفى صالح للنشرة العربية – تحرير احمد حسن)