القاهرة (رويترز) – تعرض الاقتصاد لضغوط شديدة خلال العام الماضي مع انخفاض قيمة الجنيه وندرة العملات الأجنبية وارتفاع التضخم.

* ما سبب مشاكل مصر الاقتصادية

تعود بعض الأسباب إلى عقود، مثل فشل التنمية الصناعية وسياسات التصدير التي خلفت عجزًا تجاريًا مستمرًا.

وتسعير العملة المحلية بسعر أعلى من قيمتها الحقيقية، وضعف حقوق الملكية والمؤسسات، وهيمنة الدولة والجيش أعاقت الاستثمار والمنافسة. استنزفت برامج الدعم أيضًا ميزانية الدولة لفترة طويلة، على الرغم من أنه يتم تخفيضها الآن.

أدى ضعف الاستثمار الأجنبي خارج قطاع النفط والغاز إلى الاعتماد بشكل أساسي على عائدات السياحة والتحويلات ورسوم عبور قناة السويس.

غالبًا ما يلقي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي باللوم على الاضطرابات الاقتصادية في البلاد على الاضطرابات التي أعقبت انتفاضة 2011 والنمو السكاني السريع. وفقًا لتقديرات البنك الدولي، ارتفع النمو السكاني على أساس سنوي في عام 2022 بنسبة 1.7٪. منذ عام 2022، تحدثت السلطات عن الصدمات الاقتصادية الناجمة عن المشاكل الخارجية، بما في ذلك جائحة COVID-19 والحرب في أوكرانيا.

لكن محللين قالوا إن هناك أخطاء سياسية أدت إلى هذا الوضع الاقتصادي، من بينها إنفاق الكثير لدعم العملة المحلية، والاعتماد على استثمارات المحفظة الأجنبية المتقلبة، وعدم تنفيذ إصلاحات هيكلية.

ما مدى سوء الوضع

ينمو الاقتصاد بشكل مطرد، لكن تأثير هذا النمو، الذي من المتوقع أن يتراوح بين أربعة وخمسة بالمائة هذا العام، لا يواكب الزيادة السكانية في مصر. تقول أعداد كبيرة من المصريين إن مستوى معيشتهم قد تدهور.

منذ مارس 2022، انخفضت قيمة الجنيه المصري بنحو 50 بالمائة. أدى النقص الحاد في الدولار إلى انخفاض الواردات وتراكم البضائع في الموانئ مما كان له أثر سلبي على الصناعة المحلية.

وارتفع معدل التضخم السنوي في المدن إلى 25.8 بالمئة في يناير، وهو أعلى مستوى في خمس سنوات، وفقا لبيانات رسمية. ارتفعت أسعار العديد من السلع الغذائية الأساسية بشكل أسرع.

أفادت البيانات الرسمية أن معدل الفقر كان حوالي 30 في المائة من السكان قبل جائحة COVID-19، بينما يقول المحللون إن معدل الفقر قد ارتفع منذ ذلك الحين. تشير التقديرات إلى أن 60 في المائة من سكان مصر البالغ عددهم 104 ملايين نسمة يعيشون تحت خط الفقر أو بالقرب منه.

انخفض معدل البطالة إلى ما يزيد قليلاً عن سبعة بالمائة، لكن نسبة أولئك القادرين على المشاركة في سوق العمل شهدت أيضًا انخفاضًا ثابتًا من عام 2010 إلى عام 2022. بعض أجزاء نظام التعليم العام في حالة انهيار. تسعى أعداد كبيرة من الخريجين للعمل في الخارج عندما يكون ذلك ممكنًا بالنسبة لهم.

* ما هو الدعم الذي يمكن أن تعتمد عليه مصر

تنظر الدول الغربية والخليجية إلى مصر في عهد السيسي على أنها ركيزة أمنية في منطقة مضطربة.

وبسبب الصدمة الاقتصادية التي تعرضت لها مصر جراء الحرب الأوكرانية، تلقت القاهرة ودائع واستثمارات بمليارات الدولارات من حلفائها الخليجيين، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة.

ومع ذلك، بدأت دول الخليج في وضع شروط قاسية لضخ أموال جديدة على الرغم من تجديد ودائعها الحالية في مصر، وتسعى بشكل متزايد إلى استثمارات تحقق عائدًا.

في مارس 2022، قالت الحكومة إنها بدأت محادثات حول الحزمة المالية الأخيرة من صندوق النقد الدولي، وأكدت في النهاية قرضًا بقيمة 3 مليارات دولار مرتبط بإصلاحات مثل تقليص دور الدولة والجيش في الاقتصاد.

هل يمكن تحمل ديون مصر

عبء الديون على مصر آخذ في الارتفاع، لكن المحللين يختلفون حول مدى الخطر الذي يمثله هذا الدين.

وتتوقع الحكومة أنه بحلول نهاية السنة المالية في يونيو، سيصل الدين إلى 93 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مما يدل على ارتفاع نسبة الدين على مدى السنوات القليلة الماضية، والتي تريد الحكومة خفضها إلى 75 في المائة بحلول عام 2026.

أدت المديونية الثقيلة، وارتفاع أسعار الفائدة، وضعف العملة إلى زيادة تكلفة خدمة الدين. ومن المتوقع أن تشكل مدفوعات الفائدة على الدين أكثر من 45 في المائة من إجمالي الإيرادات في السنة المالية المنتهية في يونيو.

مدفوعات الديون الخارجية والفوائد تؤدي إلى فجوة كبيرة في التمويل الخارجي. تمثل فجوة التمويل الفرق بين العرض والطلب على التمويل بالعملة الأجنبية. يجب على مصر أن تدفع لصندوق النقد الدولي وحده 11.4 مليار دولار على مدى السنوات الثلاث المقبلة.

كيفية إنفاق المال

بخلاف النفقات العادية التي تشمل الرواتب والخدمات العامة، أنفقت مصر الكثير على البنية التحتية في عهد السيسي.

وشمل الإنفاق أيضا مشاريع الإسكان وبناء عدد من المدن الجديدة وشق الطرق السريعة. ومن أبرز هذه المشاريع الضخمة العاصمة الجديدة قيد الإنشاء في الصحراء شرق القاهرة، والتي قال أحد المسؤولين إن الدولة تحاول دفع ثمنها، والمقدر بنحو 58 مليار دولار، من خلال بيع الأراضي والاستثمارات.

قال معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، إن واردات مصر من الأسلحة ارتفعت خلال العقد الماضي، مما يجعلها ثالث أكبر مستورد في العالم.

يقول المسؤولون إنهم زادوا الإنفاق على البرامج الاجتماعية للفقراء، بما في ذلك برنامج المساعدة النقدية الذي يغطي 5 ملايين أسرة، لكن المنتقدين يقولون إن الرعاية الاجتماعية ليست كافية لحماية مستويات المعيشة.

(إعداد محمد عطية للنشرة العربية – تحرير أيمن سعد مسلم)