من طارق عمارة

تونس (رويترز) – حذر منتقدون يوم الجمعة من أن مشروع الدستور الذي أعلنه الرئيس قيس سعيد مساء الخميس ينتهك الديمقراطية التونسية واتهم سعيد بإعطاء نفسه “سلطات ملكية” من خلال المسودة التي سيطرحها على استفتاء في غضون أسابيع.

سعيد يعيد هيكلة النظام السياسي بعد أن سيطر بشكل شبه كامل على السلطات التنفيذية الصيف الماضي. وأقال البرلمان وانتقل للحكم بمرسوم في خطوة وصفها منتقدوه بأنها انقلاب.

من جهته، قال سعيد إن التغييرات ضرورية لإنقاذ تونس من أزمة سياسية واقتصادية طويلة الأمد، وأن الدستور الجديد سيحترم الحريات الفردية ويؤسس جمهورية تونسية جديدة.

عبيد البريكي رئيس حزب صغير مؤيد لسعيد قال إن مسودة الدستور ستسمح للناس “بالتنفس وإقامة تونس جديدة”.

لكن الدستور المقترح يمنح الرئيس سلطات شبه مطلقة، ويزيل تقريبا جميع القيود المفروضة على حكمه ويضعف دور البرلمان والقضاء، مما أثار اتهامات بأنه يقوض المكاسب الديمقراطية التي حققها التونسيون في ثورة 2011.

لم يحدد الاستفتاء المقرر إجراؤه في 25 يوليو / تموز حداً أدنى للمشاركة، وأمام الناخبين أقل من أربعة أسابيع لاتخاذ قرار بشأن النظام الذي سيحكم حياتهم.

وقال مهاب القروي مدير منظمة آي واتش وهي منظمة مجتمع مدني تونسية بارزة تراقب الفساد وانتهاكات الحكومة “الرئيس منح نفسه سلطات ملكية … سلطات ملك … ولا سيطرة عليه.”

ووصف عماد خميري، القيادي في حزب النهضة الإسلامي، وهو الأكبر في البرلمان المنحل والأكثر معارضة لتحركات سعيد، مشروع الدستور بأنه “مهزلة”.

وقال “إنها ضربة قوية أخرى لطريق الثورة وعودة لما كان قبل 2011”.

في حين أن معظم الأحزاب السياسية الرئيسية في تونس، بما في ذلك النهضة، قد رفضت بالفعل خطط سعيد لإجراء استفتاء على دستور جديد وحثت على المقاطعة، لم يصدر أي منها حتى الآن ردًا رسميًا على مسودة الدستور.

وقال المتحدث باسم الاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري إن المكتب التنفيذي للنقابة سيلتقي بخبراء في القانون الدستوري ومحامين وقضاة يوم السبت لتقييم رده.

وسبق أن أشار الاتحاد إلى معارضته لقرار سعيد بإعادة هيكلة النظام السياسي وحده وطرحه للاستفتاء.

* أزمة

في حي ابن خلدون في تونس، بدا الناس أكثر قلقًا من أزمة اقتصادية تهدد بإفلاس الدولة أكثر من قلقهم من دستور سعيد.

وعندما استولى سعيد فجأة على السلطة العام الماضي، لقيت خطوته دعمًا شعبيًا بين التونسيين الذين سئموا الجدل السياسي الذي لا نهاية له بينما كان الاقتصاد يترنح.

وقالت سلمى عويني التي كانت تتسوق في سوق لبيع الملابس المستعملة “نعم، التونسيون يريدون نظاما رئاسيا … لكننا نريد أولا تحسين الظروف الاقتصادية. أخشى أن الدستور لن يفيدنا”.

قال فايز، بائع الخضار الذي طلب عدم الكشف عن اسم عائلته، إن سعيد استخدم الديمقراطية ليصبح ديكتاتوراً. وأضاف “أنا شخصياً لم أستغرب أنه شدد قبضته على كل السلطات. وما فاجأه أنه ترك بعض الفتات ولو بشكل رسمي”.

وقال إبراهيم بودربالة، عميد المحامين الذين شاركوا في صياغة الدستور، إنه حتى المسودة، التي أعدها في الأصل محامون اختارهم سعيد لإعادة صياغة الدستور، تم تعديلها بشكل كبير قبل نشرها مساء الخميس.

وأضاف بودربالة “هذا ليس الدستور الذي قدمناه لرئيس الجمهورية. الديباجة التي اقترحناها ركزت على القضايا الاقتصادية، لكن الرئيس ركز على السياسة”، قبل أن يؤكد أن الأقسام الأخرى بقيت على حالها.

(تغطية صحفية لطارق عمارة – إعداد أيمن سعد مسلم ورحاب علاء للنشرة العربية – تحرير أحمد ماهر)