من إميلي ماضي ومحمد أزاكير

بيروت (رويترز) – عندما تذهب كارولين صدقة للتسوق من محل بقالة في بيروت بلبنان، تبقي هاتفها في متناول اليد. عدم تذكيرها بقائمة المشتريات المطلوبة، بل لحساب الأسعار المتزايدة للسلع التي تخضع الآن لأسعار الصرف المتغيرة حسب المخزن والقطاع.

مع استمرار انهيار الاقتصاد اللبناني، ظهرت أسعار صرف مختلفة لليرة، مما يعقد المساءلة الشخصية ويضعف الآمال في تلبية متطلبات الإصلاح التي وضعها صندوق النقد الدولي.

تم تعديل سعر الصرف الرسمي إلى 15 ألف ليرة مقارنة بشهر فبراير، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 90 في المائة للعملة اللبنانية مقارنة بالسعر الرسمي السابق منذ فترة طويلة والبالغ 1507.5 ليرة للدولار.

لكن البنك المركزي يبيع الدولار بسعر 79 ألف جنيه فيما يعتزم وزير المالية احتساب التعريفة الجمركية للسلع المستوردة على أساس سعر 45 ألف جنيه للدولار.

في الوقت نفسه، يتراوح سعر الصرف في السوق الموازية بين 107 آلاف جنيه للدولار ويتغير بشكل يومي. يُطلب من المتاجر الكبرى ومحطات الوقود وضع علامات بسعر الصرف المعتمد كل يوم، لكن سعر الصرف يتغير بسرعة كبيرة لدرجة أن العديد من هذه المنتجات تضع أسعارًا للمنتجات بالدولار الأمريكي المستقر نسبيًا.

أثناء تفحصها لعلبة تونة في سوبر ماركت، توضح كارولين المأزق اليومي الذي يواجهه المتسوقون. وتسأل “هذا ليس له سعر (محدد). إذا نظرتم فالثمن بالليرة اللبنانية. هل هذا هو الثمن أم هو سعر قديم والآن هناك سعر بالدولار”

استقالت كارولين من وظيفة معلمة في مدرسة دفعت رواتبها بالعملة المحلية، والتي انخفضت قيمتها بأكثر من 98 بالمئة مقابل الدولار في السوق الموازية منذ عام 2022.

وكان ذلك عندما بدأ الاقتصاد في الانهيار بعد عقود من السياسات المالية غير السليمة والفساد المزعوم.

لحل الارتباك الناجم عن سعر الصرف، يجب على الحكومة تطبيق سعر موحد. وهذا أحد الشروط المسبقة التي وضعها صندوق النقد الدولي منذ ما يقرب من عام لكي يتلقى لبنان حزمة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار.

لكن الصندوق، الملاذ الأخير للبلاد، يقول إن الإصلاحات بطيئة للغاية. قوبلت الإصلاحات بمقاومة من السياسيين الذين يسعون إلى حماية المصالح الخاصة والإفلات من العقاب.

في الوقت نفسه، كانت الدولة تتجه نحو اقتصاد يعتمد على السيولة النقدية والدولار في ظل ارتفاع التضخم والقيود التي تفرضها البنوك على التعاملات.

وقال محمود الشعار وهو صاحب متجر لرويترز إن سعر الصرف يتغير بسرعة كبيرة لدرجة أن متجره كان يخسر المال بين عشية وضحاها.

مثل العديد من أصحاب المتاجر، يحتاج الشعار إلى الدفع بالدولار عند استيراد البضائع، لكنه يبيع بالليرة اللبنانية. وذات يوم باع جميع بضاعته على أساس سعر صرف واحد، لكنه استيقظ في اليوم التالي ليجد أن سعر الدولار قفز بنحو عشرة آلاف جنيه.

وقال الشعار لرويترز “البيع تراجع (انخفض) وما نكسبه نخسره بسبب سعر الصرف.”

قال الخبير الاقتصادي سمير نصر إن تباين أسعار الصرف في مختلف القطاعات يجعل المحاسبة الشخصية “فوضوية” للبنانيين، مضيفًا أن توحيد سعر الصرف أصبح أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.

وأضاف أنه “يتطلب مجموعة كاملة من الإصلاحات والخطوات التي من شأنها أن تسمح باستقرار الوضع الاقتصادي بشكل عام، وبالتالي تسمح بتوحيد سعر الصرف”.

(إعداد أميرة زهران للنشرة العربية – تحرير محمود رضا مراد)