ماذا يعني افلاس دولة لبنان، هذه هي المعادلة التي تلخص الإعلان المحير لمسؤول حكومي لبناني بشأن إفلاس الدولة والبنك المركزي، في حين أن عددًا كبيرًا من اللبنانيين يدركون حقيقة أن بلادهم مصنفة ضمن 3 أوضاع اقتصادية حرجة على مستوى العالم منذ 150 عامًا، وفقًا لصندوق النقد الدولي، فقد أصبح منذ شهور. كثيرون، متخلفون عن السداد أو يكادون غير قادرين على الوفاء بالحد الأدنى من الالتزامات النقدية.

ماذا يعني افلاس دولة لبنان

إنها ليست بشرى سارة لمئات الآلاف من العائلات اللبنانية التي تعاني الآن من الفقر، بعد سنوات طويلة من الفشل الإداري والفساد والمحاصصة الطائفية التي أدت إلى سقوط البلاد تدريجيًا في مستنقع ديون يقارب 100 مليار دولار، في بلد يعيش فيه. يبلغ عدد سكانها حوالي 6 ملايين نسمة.

لهذا أعلن ممثل رئيس إدارة الدولة اللبنانية، معالي الشامي، فجأة في هذه اللحظة، ومن خلال لقاء على إحدى القنوات التلفزيونية المحلية، وليس على يد رئيس الوزراء نفسه نجيب ميقاتي. الذي يعتبر أعلى سلطة تنفيذية في الجمهورية، ويدلي بتصريحات شبه يومية عن كل وارد وصادر. أثارت التطورات السياسية والاقتصادية العديد من التساؤلات بين اللبنانيين.

من وجهة نظر شرعية حتى الآن، فإن تصريح معالي الشامي، رغم موقفه الحكومي، لا يعكس الظروف الرسمية للجمهورية اللبنانية، التي إذا كان الوضع الحالي “مفلساً”، يجب أن تعلن ذلك ببيان رسمي. موجهة إلى المواطنين بشكل عام، ومن ثم إلى الجهات العالمية المقصودة، ولا سيما البنك الدولي، والجهات المانحة الدولية، وجبهة المساعدات والقروض، التي تُستحق لها مبالغ ضخمة من ديون لبنان الخارجية.

وكان معالي الشامي يتحدث في لقاء تلفزيوني عن “افلاس الدولة ومصرف لبنان المركزي”، مشيرا الى ان الدمار سيقسم على الجمهورية ومصرف لبنان والمصارف والمودعين.

حتى الآن، لم يعلن أي مسؤول حكومي لبناني إفلاس البلاد على الرغم من استمرار الوضع الاقتصادي الحرج منذ أواخر عام 2022، تمامًا كما لم تعترف الجمهورية بوجود سياسة “القطع” على حسابات المودعين المصرفية على الرغم من فرض البنوك مبالغ كبيرة جدًا. قيود، وخطوات الخصم غير العادل من حسابات المودعين في البنوك تصل إلى سبعين بالمائة من سعر أموالهم المحتجزة.

وعلى الرغم من تلك المفاجأة غير السارة إلا أنها كانت في أذهان اللبنانيين وتوقعاتهم، إلا أنهم تساءلوا على الفور عن الدافع وراء ذلك الإعلان ومضمون موعده، في أول أيام شهر رمضان الذي كان مثقلًا بالمرء. جيوب اللبنانيين، وقبل أسابيع قليلة من التوقيت النظري لفتح الصناديق، في الانتخابات النيابية الأولى في وقت ما حتى الآن، انطلقت “ثورة أكتوبر” (تشرين الأول) 2022، والانهيار الشامل للبنانيين. بدأ الجنيه مقابل الدولار.

يخشى الكثيرون هذه اللحظة من تصريح الشامي، لأنه يكرر الإشارة إلى أن المودعين سيتحملون مرة أخرى جزءًا من تقسيم خسائر الإفلاس، كما صرح في المنتدى، “ستوزع الخسائر على البلاد، مصرف لبنان، المصارف. والمودعين، وليس هناك نسبة محددة متبقية “، مضيفًا أن” هناك حقيقة غير ممكنة “. تجاهله، ولا يمكننا أن نعيش في حالة إنكار، ولا يمكننا فتح سحوبات (بنكية) لجميع الناس “.

أثناء انتظار المزيد من التوضيحات الحكومية من الجانب الحكومي، الصدمة هي التي تختصر مشاعر اللبنانيين حول هذا الإعلان الرنان والغريب نوعًا ما، وتثير بحرًا من التساؤلات حول ما يعنيه ذلك لتدهور أوضاعهم الاقتصادية، الأمر الذي جعل تقديرات الأمم المتحدة تشير إلى أن الفقر يؤثر حاليًا على حوالي سبعين بالمائة من اللبنانيين.

لذلك فإن اللبنانيين يطرحون الكثير من الأسئلة فقط، مثل كم سنخسر أيضًا ما هو مصير أموالنا كم سوف يستغرق وبأي نسبة هل تستهدف الودائع بالدولار أو الجنيه هل سيؤثر الإفلاس على ممتلكاتهم ومنازلهم وأراضيهم وما إلى ذلك هل سيدفع “الإفلاس” جحافل إضافية من الشباب والكفاءات المتنوعة، بما في ذلك الأطباء والمهندسين والممرضات والمعلمين، إلى الهجرة بأحجام أكبر، وهو ما حدث خلال العامين الماضيين

واستمرارًا لكل هذا، فإن الأمر الأخطر أيضًا هو أن إعلان مسؤول الحكومة اللبنانية يثير مخاوف كثيرة بشأن مصير الجمهورية في المستقبل، وما يعنيه ذلك، في الوقت الذي كانت تدخل فيه مفاوضات مع البنك الدولي منذ عدة سنوات. أشهر على برامج الإنقاذ الاقتصادي التي تتطلب تنفيذ عدد كبير من “الإصلاحات” الجذرية. توقفت حتى هذه النقطة.

وهذا يعني أن جلسات التفاهم مع الوعاء النقدي، والمجتمع الدولي بشكل عام، قد تدخل الآن منعطفاً مضطرباً يفتقر إلى الالتزام بالظروف القاسية للصندوق، والتي يؤثر معظمها على جيوب المدنيين وظروفهم.

إفلاس الدولة

من الناحية الاقتصادية، تصبح الجمهورية “مفلسة” فعلياً عندما تخفق في الوفاء بالتزاماتها المالية مثل رواتب موظفيها والعقود في تنفيذ مشاريع مختلفة، كما تتعثر في إنفاق ثمن ما تشتريه. من الخارج من مختلف المنتجات والسلع، بما في ذلك احتياجاتها الأساسية مثل المواد الغذائية والمشروبات مثل القمح والوقود والأدوية وغيرها.

عادة ما يتسبب نشر الإفلاس والترويج له في حالة تسوّق مذعورة لهروب أموال المستثمرين خارج البلاد، بالإضافة إلى حماية المودعين لسحب أموالهم من البنوك، وهذا بالأساس هو الوضع الذي كان سائداً في لبنان منذ فترة. أكثر من سنة.

من خلال إعلان إفلاسها رسميًا، تضطر إدارة الدولة المنظمة إلى الدخول في مفاوضات في ظل قيود وقواعد صارمة مع أطراف خارجية مثل صندوق النقد، حيث تطلب عادةً إعادة بناء ديونها وتكوينها، في حين أن الأطراف الخارجية تبذل جهدًا شاقًا. والمتطلبات القاسية على جيوب المدنيين، حيث يتم فرضها قبل تقديم مساعداتهم النقدية. وفقًا للخطط التي تمتد لسنوات عديدة، يجب على الحكومة تنفيذ خطوات مثل تقليص المؤسسات الحكومية من خلال تسريح الموظفين، وتنفيذ سياسات ضريبية أعلى ورفع الدعم على السلع الأساسية مثل القمح والوقود، مما يؤدي إلى “تحرير” التكاليف، و زيادة كبيرة.

هناك عدد كبير من الدول التي سبق لها أن أعلنت إفلاسها في قارات مختلفة، بما في ذلك أوروبا، مثل ألمانيا، على سبيل المثال، أعلنت إفلاسها 8 مرات خلال القرون الثلاثة الماضية، وأمريكا خمس مرات.

لكن المقلق في حالات عدد محدود من الدول المفلسة، هو أنها قد لا تمتلك الإمكانيات والموارد الغنية والقوية التي تسمح لها بالخروج من كسادها بسرعة وبصعوبة أقل، كما هو الحال في لبنان.، على سبيل المثال، التي لا تمتلك موارد مثل النفط والغاز والمعادن التي قد تسهل لها الخروج من الخندق. الوضع الاقتصادي الحرج يزداد سوءًا.

وكانت دول أخرى قد أعلنت إفلاسها سابقًا، مثل البرازيل والمكسيك والإكوادور وأوروغواي وتشيلي ومصر وإسبانيا، بالإضافة إلى برنامج الفرق الروسية الذي أعلن إفلاسها مؤخرًا عام 1998 نتيجة تداعيات فشل استثماراتها. السياسات في حقبة ما بعد الاتحاد السوفياتي في عام 1991.

ومن الأمثلة البارزة على الدول التي أعلنت إفلاسها في الماضي القريب، مثال الأرجنتين، التي توقفت في عام 2001 عن سداد ديونها الخارجية التي بلغت 132 مليار دولار، بعد أن غرقت في ركود استمر سنوات ترك الحكومة عاجزة. للوفاء بالتزاماتها. اضطرت الأرجنتين إلى اللجوء إلى صندوق النقد الدولي للحصول على حزم مساعدات بمليارات الدولارات لمحاولة الخروج من أزمتها وتنفيذها من خلال إجراءات تقشف قاسية أثارت كثرة الإضرابات والاحتجاجات الشعبية.

والمثال البارز الآخر في السلف الأخير هو اليونان التي أعلنت إفلاسها عام 2012، بعد أن أعلنت إفلاسها في أعوام 1827، 1843، 1893، 1932، وللمفارقة لنفس الأسباب التي دفعتها في المرة الأخيرة إلى عدم الوفاء بمستحقات ديونها. حيث وصل معدل الدين الحكومي إلى 313 مليار يورو، مضيفا ديون البنوك والشركات اليونانية، بلغ إجمالي الدين نحو نصف تريليون يورو.

من بين العوامل التي أدت إلى إفلاس اليونان مؤخرًا، الإنفاق الهائل على التسلح في مؤتمر الضغط النفسي الدائم مع تركيا، والفساد الإداري، وتعثر القوانين لجذب المشاريع الاستثمارية، وفشل الدولة في تحصيل الرسوم بشكل فعال، إلى جانب البيروقراطية. والفساد السياسي. ومع ذلك، من بين الأسباب الوظيفية الأخرى، أدى دخول أثينا إلى الاتحاد الأوروبي إلى إضعاف قدرة صناعاتها ومنتجاتها على المنافسة في مواجهة الصناعات الأوروبية.

ومن الإجراءات التي تم اتخاذها للخروج من الأزمة سياسة “قطة الشعر” المتبعة في لبنان في هذه اللحظة، حيث ألحقت خسائر فادحة بمبادرة السندات الحكومية، وأجبرت الحكومة على اتخاذ إجراءات تقشفية قاسية، بالإضافة إلى قبولها. إجراء الإنقاذ الأوروبي مع حاوية النقدية، الذي يزيد سعره عن 130 مليار دولار، وفرض على أثينا إجراءات تقشفية أكثر بهدف تقليص العجز في الموازنة العامة، مثل تخفيض الرواتب، مما أثر على حياة ملايين اليونانيين، ويفقرهم.