يومًا بعد يوم ترتفع تكاليف المعيشة بشكل جنوني، بدءً من المواد الغذائية وصولًا لأسعار الطاقة، فمنذ ما يقارب الـ 7 شهور والعالم يعيش هذه الحالة، حتى الدول الاقتصادية الكبرى، كالولايات المتحدة، وبريطانيا، والدول النامية في قارتي آسيا وأفريقيا تعاني من ارتفاع جنوني للأسعار بشكل رهيب.

فمثلًا في الولايات المتحدة، شهدت أسعار المستهلك ارتفاعًا حادًا لم يحدث من قبل منذ حوالي 20 عامًا، ونتيجة لذلك ارتفعت تكلفة كل شيء، بدءًا من الأشياء الثانوية وصولًا للأشياء الرئيسية، إضافة إلى تكاليف المواصلات والنقليات، الأمر الذي عزز مفهوم التضخم في معظم وكالات الأنباء والصحف الإخبارية، ومن جهة أخرى يسارع أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين للبحث عن فرص صيد ثمينة لبناء ثرواتهم، فبعد ارتفاع سعر الفائدة الأمريكية وهبوط أسعار العملات الرقمية، انقض العديد من المستثمرين لشراء البيتكوين عند حاجز الـ 19 الف دولار، ومن المرجح أن تنتعش قيمة العملة الرقمية مع بدء حلول العام الجديد، لذا إن كنت من المهتمين بالعملات الرقمية، تابع البيتكوين على اراب فاينانشيال

أما في الدول الفقيرة، فالأمر أصبح لا يطاق أبدًا ووفقًا لما ذكره التقرير الصادر عن البنك الدولي العام المنصرم، تبين أن هناك أكثر من مئة مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر المدقع، ومع نشوب الحرب الروسية الأوكرانية زاد الأمر سوءً نتيجة النقص الحاد في إمدادات الغذاء.

السبب وراء ارتفاع الأسعار بشكل جنوني

هناك عدة أسباب جوهرية وفقًا لما ذكره تقرير لشبكة BBC وراء الارتفاع الجنوني للأسعار في جميع دول العالم، ومنها:

الطاقة

منذ أن تفشى وباء كوفيد-19، شهدت أسواق الطاقة ارتفاعًا في الأسعار وصولًا إلى أعلى سعر منذ حوالي 7 سنوات، وفي الوقت الحالي يصل سعر قالون البنزين في الولايات المتحدة 5 دولار، مقارنة لما كان عليه قبل عام واحد فقط بسعر 2.38 دولار، ونفس السعر في جميع دول العالم.

من جهة أخرى، شهدت أسعار الغاز أيضًا ارتفاعًا كبيرًا في كافة أنحاء دول العالم، الأمر الذي زاد من قيمة فواتير التدفئة المركزية حتى أصبحت مرتفعة بشكل كبير، وفي الدول الآسيوية شهدت الأسعار ارتفاعًا حادًا خاصة بعد الشتاء البارد في الدول الأوروبية العام المنصرم، الأمر الذي أدى إلى استهلاك احتياطات الغاز في تلك الدول إلى جانب ارتفاع معدل على المنتجات الذي أدى إلى زيادة الأسعار بشكل جنوني.

 

النقص الحاد في السلع والبضائع

في الوقت الذي أعلنت فيه العديد من دول العالم حالة من الإغلاق والحجر الصحي بسبب تفشي كوفيد-19، جلس العديد من المستهلكين في منازلهم وشغلوا أوقاتهم في الإصلاحات المنزلية وتناول السلع المنزلية بكثرة، فضلًا عن أن العديد من العمال في المصانع جلسوا في منازلهم دون عمل، الأمر الذي أدى إلى انخفاض العديد من المنتجات التي كانت المصانع تنتجها، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع في معظم العديد من السلع، بدءً من أسواق البلاستيك وصولًا إلى أسواق الحديد والخرسانة والأخشاب.

ففي العام الماضي، شهدت الولايات المتحدة ارتفاعًا بنسبة تفوق الـ 70% بأسعار الأخشاب، وارتفاع بأسعار الحديد بنسبة 50%، كما أن أسعار تكاليف التوريد في العام الحالي ارتفعت بشكل كبير عما كانت عليه قبل عام واحد فقط.

إضافة إلى ضعف الإمدادات والنقص الكبير في صناعة الرقائق الدقيقة التي تستخدم في أجهزة الحواسيب والهواتف والسيارات والعديد من السلع المنزلية ساهم أيضًا في ارتفاع الأسعار بشكل جنوني في معظم دول العالم.

 الأجور

العديد من الموظفين والعمال قدموا استقالاتهم أثناء تفشي وباء كوفيد-19 بسبب ما شهدته العديد من المؤسسات والمصانع من حالة إغلاق طويلة، إضافة إلى أن عدد كبير منهم قد انتقل للعمل في مهن أخرى، ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال قدم أكثر من 3.9 مليون شخص استقالتهم من وظائفهم خلال شهر مايو المنصرم، وبحسب ما صرحت به وزارة العمل في الولايات المتحدة، قالت بأنه أكبر ارتفاع تشهده البلاد في عدد العمال المستقلين من وظائفهم، ومن جهة أخرى، تواجه العديد من الشركات مشكلة كبيرة في توظيف عمال جدد، كالسائقين، والطباخين، ومقدمي الخدمات، وغيرهم.

وينصح الخبراء بضرورة عمل الشركات على رفع سقف رواتبهم من أجل جذب العديد من الأشخاص أصحاب الكفاءات للعمل لديهم وتقديم طلبات الوظائف المتراكمة في العديد من الشركات، وهذا بالفعل ما أقدمت عليه شركة الطعام الشهيرة ماكدونالدز بصرف مكافآت مالية للموظفين الحالين لديها بقيمة تتجاوز 150 ألف دولار سنويًا تقديرًا لجهودهم، كما أن شركة أمازون إضافة مكافأة توظيف سنوية في للمتقدمين للوظائف التي أعلنت عنها مؤخرًا.

 توقف الدعم المادي بعد جائحة كورونا

تراجعت العديد من حكومات دول العالم عن الدعم المادي الذي كانت تقدمه للشركات والأفراد للحد من تفشي الجائحة، حيث ارتفع معدل الإنفاق العام أثناء الوباء في كافة دول العالم مما زاد من نسبة الضريبة التي بدورها ساهمت في ارتفاع ضغوطات تكاليف المعيشة في ظل بقاء أجور العاملين والموظفين على حالها دون أي تغيير في الأجور، ومع توقف الدعم بشكل كامل، زاد العبء على العديد من الأسر والعوائل في كافة أنحاء دول العالم، الأمر الذي جعل المواطن يعيش في حيرة من أمره.  

التغييرات المناخية

تساهم تقلبات الطقس في بعض دول العالم في زيادة معدل التضخم وارتفاع أسعار المنتجات، فمثلًا ارتفعت أسعار الطاقة بشكل كبير في الأشهر القليلة الماضية بعدما تعرض إمدادات النفط لضربات قوية من إعصار Ida وإعصار Nicholas في خليج المكسيك، الأمر الذي أدى إلى أضرار كبيرة في البنية التحتية للنفط الأمريكي.