أزمة التغير المناخي لم تترك جزءًا من العالم بل امتدت له، وتهدد الآن الشرايين المائية في أوروبا، بعد أن سجلت القارة العجوز درجات حرارة قياسية، تسببت في تبخر مياه أنهارها الكبيرة، وتهدد بالتبخر. حوالي 80 مليار دولار من الاقتصاد الأوروبي.

نهر الراين، الذي كان يعتبر من أهم الركائز الاقتصادية في ألمانيا وهولندا وسويسرا لعدة قرون، قد جف بشدة، مما أعاق حركة البضائع عبره اليوم، وفقًا لتقرير بلومبرج.

بالإضافة إلى ذلك، أدت درجات الحرارة المرتفعة في الأنهار إلى جعل مياه نهري الرون وغارون في فرنسا دافئة لدرجة أنه لم يُسمح لها بتبريد المفاعلات النووية الفرنسية بشكل فعال، بينما شهد نهر بو في إيطاليا انخفاضًا كبيرًا في منسوب المياه، وأصبح غير كافية للري. مجالات.

نهر الدانوب، الذي يشق طريقه عبر 1800 ميل بين وسط أوروبا والبحر الأسود، آخذ في الجفاف أيضًا، مما يعيق حركة الحبوب وغيرها من التجارة.

يتسبب الجفاف الذي يصيب الأنهار في أوروبا في اضطرابات شديدة في حركة التجارة عبر الأنهار، والتي تعد عنصرًا مهمًا في النقل بين الدول الأوروبية، ويحدث هذا بعد أربع سنوات فقط من توقف مماثل لحركة النقل التاريخية عبر الأنهار الشهيرة. نهر الراين، لانخفاض منسوب المياه فيه خلال عام 2022، مما تسبب في زيادة الضغط على الاتحاد الأوروبي لدعم قطاعات النقل، في وقت يواجه فيه الاتحاد العديد من التحديات بسبب أزمة أوكرانيا ونقص الغاز وغيرها. .

النقل النهري في أوروبا

الأنهار وقنوات المياه ذات أهمية كبيرة للاقتصاد الأوروبي، حيث يساهم النقل النهري بنحو 80 مليار دولار في اقتصاد منطقة اليورو، وفقًا لبيانات يوروستات، وهو مبلغ قد تخسره ميزانية الاتحاد الأوروبي في حالة حركة النقل عبر الأنهار. وتوقف القنوات في المنطقة بحسب الموقع. “سكاي نيوز عربية اقتصاد”.

تشير التوقعات، التي تفترض استمرار الظروف السيئة، إلى أن اقتصاد منطقة ما قد يخسر حوالي 5 مليارات دولار بسبب الأضرار التي تمنع حاليًا حركة التجارة عبر نهر الراين، وفقًا لما ذكره جان سوارت، الخبير الاقتصادي المتخصص في قطاع النقل في ABN. .

وقال سوارت إن قدرة الدول الأوروبية على استخدام النقل النهري أصبحت محدودة بشكل كبير، خاصة في ظل قلة الأمطار، مما يتسبب في زيادة تكلفة بدائل النقل الأخرى بشكل كبير.

في يوم واحد، ارتفعت أسعار الشحن بنحو 30٪، وفقًا لسوارت.

من ناحية أخرى، قد يبدو أن معاناة ألمانيا من أزمة نقص الغاز قد تتضاعف، حيث إن صعوبة النقل النهري قد تعيق حركة الفحم إلى ألمانيا، الأمر الذي قد يهدد خطة الحكومة الألمانية لإعادة تشغيل محطات الكهرباء باستخدام الفحم.

فرنسا، مصدر الكهرباء، غير قادرة على سد النقص المحتمل في الكهرباء للدول الأوروبية. ما يقرب من نصف مفاعلاتها النووية خارج للصيانة، والنرويج تقوم حاليا بتخفيض صادرات الكهرباء بسبب ميلها إلى توفير استهلاك الغاز وملء احتياطياتها.

كما امتدت آثار تغير المناخ على حركة المياه إلى دول أخرى، حيث حدثت فيضانات كثيرة في ولاية كنتاكي الأمريكية نتيجة للأمطار الغزيرة، وحدثت فيضانات في البرازيل وجنوب إفريقيا وغيرها.

من جهته، يرى العضو المنتدب لشركة الشحن الألمانية “ماينتانك” يواكيم هيسلر أن التوقعات تشير إلى مزيد من الانخفاض في منسوب المياه في الأنهار الأوروبية، ما يعني توقف المزيد من القوارب وسفن الشحن عن العمل.

من ناحية أخرى، ونتيجة لأسوأ موجة جفاف على الإطلاق، فرضت فرنسا قيودًا على استخدام المياه في جميع أنحاء البلاد، وأصبح ما يقرب من 100 بلدية تعتمد على مياه الشرب بواسطة الشاحنات.

أما إيطاليا فهي تواجه موجة حر شديدة أدت إلى انخفاض منسوب المياه في النهر إلى أدنى مستوى له منذ ما يقرب من 70 عامًا.

المفارقة هي أن أوروبا كانت تنوي الاعتماد بشكل كبير على الممرات المائية كجزء من جهودها لمكافحة تغير المناخ وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، حيث كانت المفوضية الأوروبية تستهدف زيادة النقل عبر الممرات المائية بنحو 25 في المائة بحلول عام 2030.