من فرح سعفان

القاهرة (رويترز) – في الخامسة صباحا يذهب محمد نصار للعمل كل يوم في صيد الأسماك، مبحرا بقاربه الخشبي في مياه نهر النيل، انطلاقا من ضفاف جزيرة القرصية بمحافظة الجيزة حيث يعيش فيها. البحث عن رزقه.

عندما تمتلئ شباكه بالبلطي الذي يبيعه بعد صلاة الظهر، يعود نصار إلى قاربه لتمشيط النيل بحثًا عن النفايات، وخاصة النفايات البلاستيكية.

نصار، 59 عامًا، يجمع النفايات ويأخذها إلى مقر مبادرة “فيري نايل” بجزيرة القرصاية لوزنها، ومقابل كيلوغرام واحد منه يحصل على 14 جنيهًا مصريًا، في نشاط يقلل من تلوث النيل. المياه ويزيد من دخله الشهري.

تعمل مبادرة فيري نيل، التي تم إطلاقها في عام 2022، على تطوير طرق مستدامة لتنظيف نهر النيل وإعادة تدوير النفايات الصلبة.

هاني فوزي، مدير مشروع الصيادين بمبادرة فيري نايل، قال إن حماس مؤسسي المبادرة الشباب ينبع من خوفهم على “مصدر الحياة في مصر” وحزنهم على “سوء المعاملة” التي يتعرضون لها.

وأضاف “من هنا جاءت فكرة المبادرة. سنقوم بتنظيف النيل وتنقيته من النفايات، واستخدام المخلفات، وله قيمة اقتصادية أعلى من القمامة”.

انضم نصار إلى مبادرة تنظيف النيل منذ ما يقرب من عامين. وأوضح أن معدل الهدر يزداد في عطلات نهاية الأسبوع، حيث يقوم زوار مطاعم النيل والسفن السياحية بإلقاء النفايات في النيل، وتصل كمية النفايات التي يتم جمعها في تلك الأيام إلى 70 كيلوجرامًا في اليوم. لكنه في منتصف الأسبوع يجمع حوالي 20 كيلوغرامًا من النفايات البلاستيكية يوميًا.

يقدر برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن النفايات البلاستيكية تستغرق ما بين 20 و 500 عام لتتحلل، وحتى ذلك الحين لا تختفي تمامًا، ولكنها تصبح أصغر فقط.

ويشير نصار إلى أن زيادة كمية النفايات التي يتم إغراقها في النيل لها تأثير سلبي على عمله في الصيد، قائلاً إن “الشبكة التي نعمل معها ناعمة، أي قمامة تخشى قطعها، ولكن متى نحن ننظف النيل، أنا أعمل وأنا مطمئن “.

نجحت مبادرة Fairy Nile على مدار السنوات الأربع الماضية في جمع 180 طنًا من النفايات، وبحلول نهاية عام 2022 تحرك نشطاءها لتوسيع نشاطهم ليشمل ورشة عمل لإعادة تدوير الأكياس البلاستيكية وتحويلها إلى منتجات مختلفة. قادت نساء الجزيرة هذه الورشة، والتي كانت فرصة لهن للمشاركة في جهود حماية البيئة بالإضافة إلى تمكينهن اقتصاديًا.

تقدمت ابنة أخت نصار، هيام محمد، 42 عامًا، للعمل في تلك الورشة للمساعدة في رفع الأعباء المالية عن أسرتها. أصبحت مسؤولة عن تعقيم الأكياس البلاستيكية وكيها وإعادة تدويرها إلى ما يشبه قطعة قماش سميكة حتى تم تصميمها لتصبح منتجًا صديقًا للبيئة.

كانت هيام سعيدة بالانضمام إلى عمها في العمل البيئي، وتشعر أنها تساهم في عمل جماعي يحسن نظافة النيل.

تقول هيام “النيل سيبقى نظيفًا، والمنظر جميل إذا جاء الناس للسياحة، فبدلاً من إلقاء الناس في البحر أو الأرض، يستمرون في فعل شيء مفيد”.

لم يكن هيام آخر فرد من عائلة نصار ينضم إلى المبادرة. بعد أن بدأت هيام العمل في الورشة، بدأ ابنها يحيى البالغ من العمر 22 عامًا، وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة وولد أصم، العمل معها في هذه المبادرة.

يلعب يحيى العديد من الأدوار الحيوية، حيث يقوم بالتجديف في القارب الذي ينقل عمال المبادرة من وإلى الجزيرة. كما أنه مسؤول عن تنظيف المستودعات بالإضافة إلى تقديم المساعدة للعاملين في “الفرن البلاستيكي” حيث يتم ضغط البلاستيك الذي يجمعه الصيادون من النيل وتحويله إلى بالات وتقسيمه حسب اللون. .

وبحسب فوزي فإن البلاستيك الشفاف والأبيض يتم تحويله إلى حبيبات صغيرة ويتم تصديره للخارج حيث يستخدم في صناعات الغزل المختلفة. أما البلاستيك الملون فيباع لمصنع أسمنت في مصر لاستخدامه كبديل للوقود الملوث للبيئة.

تقول هيام إن العمل مع المبادرة كان له أثر إيجابي على يحيى الذي لم يتمكن من إيجاد فرصة عمل مناسبة رغم حصوله على شهادة الثانوية العامة، مضيفة أنه “سعيد للغاية عندما يصعد على القارب ويجد الحقائب والأجوبة ويفرح في. ويفرح أنه ينظف النيل “.

المبادرة، التي بدأت بمشاركة أربعة صيادين فقط، لديها الآن ما يقرب من 65 صيادًا يعملون بلا كلل لتطهير النيل من النفايات، مما يضيف لأنفسهم مصدرًا آخر لكسب الرزق إلى جانب الصيد.

ويؤكد نصار أنه كان سيهتم بتنظيف النيل حتى بدون مقابل مادي قائلا أليست بلادنا ونيلنا نحن نعمل فيه ونأكل ونعيش فيه

(اعداد سهى جاد للنشرة العربية – تحرير محمد محمد الدين)