تفسير حديث كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته؛ وهو حديث مشرّف عن النبي محمد “صلى الله عليه وسلم” يخبرنا فيه عن دور كل فرد من أفراد المجتمع. وكيف يتحمل كل فرد مسؤولية كبيرة عليه الالتزام بها. بحيث تتحقق رفاهية المجتمع بأسره. والمختار صلى الله عليه وسلم يبدأ بدور الرئيس أو الأمير. ثم الأسرة لأنها عماد المجتمع، ثم تبين لنا باقي الأدوار المختلفة، لذا تعال لنستكشف شرح هذا الحديث من خلال الساعه

تفسير حديث كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته

نص الحديث

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا أنتم جميعًا راع. ومال سيده المسئول لا يكون راعياً وأنتم مسئولون عن قطعانه). [متفق عليه]

شرح المعنى العام للحديث

ويخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه – رضي الله عنهم – أن كل مسلم راعٍ في هذه الحياة من الثقة التي أوكلها الله إليه. وأن يسأل كل واحد أمام الله عن هذه الثقة، فهل حفظها؟ أم تخسرها؟

ثم يبدأ “صلى الله عليه وسلم” بسرد كل الأدوار التي كلف الله بها عباده في المجتمع.

دور الأمير في المجتمع

أولاً، يذكر الأمير وأنه يجب أن يكون خير مثال على الحفاظ على الأمانة والحفاظ عليها. لأنه أول الأركان التي يحدث فيها تقدم المجتمع.

فهو حاكم الدولة ويسيطر على جميع شؤونها، وله أن يعين ويقيل من يشاء من المسؤولين.

وأنك لن تجد دولة حاكمها عادل ويتهم شعبها قبل أي شيء إلا إذا أصبحت من أعرق الدول وأكثرها تقدماً.

كان لا بد للنبي أن يبدأ به في بداية الحديث، حتى يشعر أنه أول من يُسأل أمام الله تعالى عن هذه الثقة.

حتى أنه يحاول قدر استطاعته الحفاظ عليه.

يمكن للأمير أو الرئيس الحفاظ على هذه الثقة من خلال حكم الشعب بعدالة.

وإعادة الحقوق لأصحابها وعزل كل من يراه لا يقوم بعمله بالشكل المطلوب منه.

إذا فعل هذه الأشياء وغيرها، فسيؤسس مجتمعًا صحيًا.

دور الرجل في المجتمع

يحدد النبي للرجل دوره والثقة التي يجب أن يحافظ عليها، وهما: اهل بيته. سواء كان متزوجًا أو غير متزوج، يجب على الرجل الذي يعيش مع والديه احترامهما وتقديرهما والاعتناء بهما على أكمل وجه.

فإذا تزوج يصبح مسؤولاً عن زوجته وأولاده، يؤمن لهم ما يحتاجون إليه من طعام وشراب وكساء وحياة كريمة. وأن يشركهم في لطفه ورعايته وتعليمهم حتى يصبحوا طبيعيين ويكون لهم مكان في مجتمعهم. وبذلك يكون قد أوفى بثقته بأنه يجب أن يحفظه أمام الله وأمام نبيه “صلى الله عليه وسلم”.

دور المرأة في المجتمع

كما يتطرق الرسول إلى دور المرأة في المجتمع ويشير إلى أنها مسؤولة مسؤولية كاملة عن بيت زوجها. وعليها أن تعتني بشؤونه وتعتني به وتطيعه إذا أمرها. وتبرح وتحافظ على شرفه ومنزله وأولادها حتى في غيابه عنهم. وبذلك تؤدي دورها في المجتمع الذي أمره الله ورسوله. قال النبي صلى الله عليه وسلم:

“إذا صلت المرأة خامسها، وصمت شهرها، وحافظت على عفتها، وطاعت زوجها، قيل لها: ادخل الجنة من أي باب تريده من أبواب الجنة”.

دور الموظف في المجتمع

في زمن الجهل كان هناك عبيد، ولكن بعد الإسلام تكرم الإنسان وأعلى من مصيره ومكانته. لذلك لا يوجد في هذا الدين ما يسمى العبيد. لكن النبي هنا يوضح أنه حتى الموظف أو الخادم مسؤول عن أموال الشركة أو المؤسسة التي يعمل بها.

لذلك يجب أن يجعل الله مراقبًا له في عمله ويؤديه على أكمل وجه. وعليه أن يحفظ مال سيده أو رؤسائه، لأنه ثقة يسأله الله عنها يوم القيامة.

وفي نهاية الحديث يؤكد الرسول على أن من كلَّفه الله بالأمانة يجب أن يحفظه ؛ لأنه يُسأل عنه أمام الله تعالى. لكن الرسول صلى الله عليه وسلم خص هؤلاء الأربعة لأنهم هم الركائز التي يقوم عليها خير المجتمع كله. وبصالحهم سترتقي الأمة الإسلامية كلها.

فوائد من

  1. يجب أن يعلم المسلم أنه مسئول وله دور في إصلاح هذا المجتمع، وسيسأله الله يوم القيامة هل أدى دوره بالصورة المطلوبة منه أم فشل في أدائها؟
  2. المسؤول الأول في هذا المجتمع هو الرئيس أو الأمير، فلا بد له من معرفة ذلك جيداً.
  3. ولإقامة العدل بين الناس والعناية بهم بما يرضي الله تعالى وأن هدفه ليس القوة والنفوذ فقط.
  4. الرجل هو أول فرد في الأسرة يُسأل عن حقوق أولاده وزوجته. وهل الأفضل تربيتهم أو إهمالهم وإشغالهم بأمور أخرى.
  5. على كل زوجة أن تحترم زوجها وتعتني به، وأن تساهم في تنشئة أبنائها، وأن تكون خير قدوة لها ؛ لأنها أساس تنشئة جيل صالح.
  6. كل فرد يعمل في مكان ما هو المسؤول عن نجاح أو فشل هذا المكان، ولديه ثقة كبيرة لا يستطيع التهرب منها. لأنه سيقف يوم القيامة بين يدي الله ويسأله هل أوفى الأمانة أم أهملها.
  7. أعلم جيدًا أنك لم تخلق في هذا العالم عبثًا، وأن هناك رسالة يجب عليك الوفاء بها على أكمل وجه، وأن ما سيبقى في نهاية الحياة بعد رحيلك هو خير تأثيرك فافعلوا الأعمال الصالحة في الدنيا بنعمة عظيمة، وفي الآخرة جنات السماء والأرض.

وفي ختام هذا المقال، أدعو الله أن يجعلنا من الصالحين على الأرض. إنهم يقومون بأدوارهم ورسالتهم التي كلفهم الله بها، وهذا يجعلنا من بين الذين يستمعون إلى القول ويتبعونه بأفضل ما يكون.