الاختلاف بين التوكل والتواكل، وصياغة الفرق بينهما تتطلب توضيحاً، ولذلك يسأل العبد المسلم عن الفرق بينهما حتى يميزهما في أقواله وأفعاله، لا سيما أن العبد المسلم أساس حياته الدنيوية على التوكل على الله تعالى لذلك عندما يتوكل على الله ويعطي أوامره لله تعالى – يشعر بالراحة والهدوء، ولهذا سنتعرف على مفهوم الثقة والثقة، وكذلك الفرق بين وكيف تتحقق الثقة بالله وفي أي مكان يذكر القرآن الكريم كلمة الثقة وسنذكر في هذا المقال بعض الأمثلة على ثقة الأنبياء والمرسلين.

الاختلاف بين التوكل والتواكل

التوكل على الله – عز وجل – من العبادات التي يجب أن تكون على العبد المسلم، كما قال تعالى {وتوكلوا على الحي الذي لا يموت، فمجده بحمده، و تكفي له خطايا عباده. في المصطلحات القانونية، هو صدق القلب في توكله على الله تعالى في السعي وراء الرخاء وصد الشدائد في شؤون الدنيا والآخرة كالعمل والزواج والدراسة. ج هو الاعتماد على الآخرين لتحقيق مصالحهم، وهو مخالف للشريعة الإسلامية. لأنه يعبر عن ضعف وعجز الإنسان وطلب مساعدة الآخرين في تحقيق احتياجاته دون قبوله للأسباب والتطلعات المطلوبة.

معني التوكّل 

التوكل هو: تفويض الأمر لله -سبحانه وتعالى- في جميع أمور الحياة من العمل والدراسة والزواج وكسب المال، مع الأخذ بالأسباب والسعي والتفكير للوصول للنجاح وتلقي المراد، والإيمان بأنّ الله هو الميسّر للأمور وما أراد يحصل وما لم يرد لن يحصل مع الحرص على تحقيق المراد والمحاولة والإصرار. مثال: العمل والكد وأن تدعي الله بالرزق، فيوجد سعي مع الدعاء والابتهال إلى الله.

الفرق بين الثقة والرجاء

اختلف التوكُّل والتوكل في المعنى وأمور أخرى كثيرة أثبتها العلماء بعد استنتاجها من المعنى ورأوا شروط العباد فيها، وسنذكر الفرق بين التوكُّل والتوكل في النقاط الآتية

  • الثقة هي الثقة الصادقة بالله تعالى، والثقة هي الثقة الكاملة بالآخرين.
  • الرجاء الذي يحقق به الإنسان رضاء الله بتحقيق ما يريده له، أما الرجاء فلا ينال الإنسان الرضا لأنه لا ينال ما يستحق.
  • فالرجاء يجعل العبد يصلي كثيرا ويلجأ إلى الله تعالى، ولكن بالأمل لا يلجأ العبد إلى الله. لكن طلبه يأتي فقط من الآخرين.
  • توكل، الخادم يشعر بالراحة والثقة في رزقه وحياته وصحته ؛ لأن الله سيهتم بهذا، وبقدر ما يتعلق الأمر بالرجاء، قد يشعر الخادم بالخوف من القلق والكسل.
  • الثقة تتطلب الصبر والمثابرة ولكن الثقة لا تعرف الصبر والمثابرة.
  • يعطي التوكل للخادم شعوراً بالرضا والفرح لأنه يجاهد ويرى ثمار بحثه، لكنه لا يشعر بأي فرح، لأنه لا يسعى ولا يرى إنجازه.

كيف نبني الثقة بالله

ذكرنا أن الاعتماد ممكن، والثقة بما عند الله من تحقيق رغبة العبد وطلبه، ولا يتحقق ذلك إلا بما جمعه العلماء في كتبهم، ومنها

  • قبول الحجج التي يلجأ إليها العبد المسلم في بحثه وتحقيق ما يريده في الحياة فيجادل بأمل في الله، على سبيل المثال، مريض يأخذ الدواء للعلاج ؛ لكن يجب أن يراه كوسيلة لشفائه وليس كعلاج في حد ذاته.
  • الصلاة هذا هو نداء العبد المسلم إلى دعاء الله تعالى. صلوا بين يديه لتولي شؤونه والوفاء بطلبه في الرزق والعمل والزواج على سبيل المثال ؛ الله يشفيني الله يتزوجني الله يرزقني كل هذا يؤدي إلى الاتكال على الله وحده دون أي شريك آخر غيره.
  • أن يفكر الله جيداً الثقة تكتسب من خلال حسن التفكير في الله وتوقع إجابة منه برضا وتواضع كاملين، كما قال تعالى في حديثه القدسي “أنا ما يظنه عبادي مني، فليفكر فيه”. فقال صلى الله عليه وسلم إن كنت توكل على الله، فيحق له أن تأتمنه على رزقك، كما يرزق الطيور، أنت جائع وفارغ “.

ثمار الاتكال على الله

إن الاتكال على الله، والمجد له، هو حق الاتكال، كما ذكرنا سابقاً، في أمور معينة.

  • البركة والقدرة .
  • أحد أبواب سداد الديون ؛ قال تعالى {وَكَفَى لِلَّذِينَ يَتَّوِّلُونَ}.
  • من الشيطان ووسوسه، قال العلي {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ قَوَّةٌ عَلَى الْمَؤْمِنِينَ بِرَبِّهُمْ وَالْعَالِي}.
  • طريقة للوصول إلى الجنة والبقاء خارج الجحيم ؛ حيث قال رسول الله سبعون ألفًا من شعبي يدخلون الجنة بلا عدد قالوا من هم يا رسول الله قال هؤلاء هم الذين لا يحترقون ولا يطلبون الرقية ويتوكلون على ربهم.
  • طريق الانتصار والمجد قال تعالى {ومن اتكل على الله فله قدير حكيم}.
  • قبول رضا الله ومحبته – تعالى – في الدنيا وفي العالم الآخر.
  • بعيدا عن التشاؤم والشعور بزوال الهموم والاحزان.

الأماكن التي ورد فيها الثقة في القرآن الكريم

ورد الرجاء في القرآن الكريم والسنة النقية على نطاق واسع، وذلك ليشعر الإنسان بعظمة التواضع والأمل في الله تعالى، والثمار التي يصادفها بعد ذلك ؛ ومن الآيات التي تذكر الثقة ما يلي

  • قال تعالى {وعلى الله توكلوا إن كنتم مؤمنين}.
  • قال العلي {وتوكل على الحي الذي لا يموت، ومجده بحمدك، ويكفي أن يعرف خطايا عباده}.
  • قال تعالى {ومن اتقى الله يرتب له مخرجا ويهتم به مما لا يتوقعه ويكفيه من توكل على الله}.
  • قال العلي {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ قَوَّةٌ عَلَى الْمَؤْمِنِينَ بِرَبِّهُمْ وَالْعَالِي}.
  • قال تعالى {قل لا يصيبنا إلا ما قدر الله لنا. هو حامينا، فليتوكل المؤمنون على الله.}
  • قال تعالى {فتوكلوا على الله. إنك تقف على الحقيقة الواضحة}.

أمثلة على ثقة الأنبياء والصالحين

على العبد المسلم أن يبحث في سير الأنبياء والصالحين ليتعلم الدروس ويثق به، كما فعل الأنبياء والصالحين عندما وثقوا ونالوا ما نالوه من فضل الله تعالى، وهو ما يلي

  • توكل أم موسى. فلما تركت موسى عليه السلام، وأوكلت أمورها إلى الله، أعادها إليها ؛ قال تعالى {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ * فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ}.
  • استودع رسول الله أسد أحمر. حيث أخبرهم بأن أبا سفيان قد جمع لهم، فأنزل تعالى {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ}، حينها توكل رسول الله والصحابة وأنزل قوله {فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو رحمة عظيمة.
  • اعتمد يعقوب عليه السلام. حيث قال الله تعالى {قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قالَ اللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ * وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْ فالحكم لله وحده، إني أتوكل عليه، وليتوكلوا عليه.
  • استند موسى عليه السلام إلى دعوة فرعون. حيث قال العلي {هكذا ورثناها مع بني إسرائيل * فتبعوهم.

من هنا نصل إلى خاتمة مقال عن الفرق بين الثقة والثقة، تعرفنا فيه على مفهوم الثقة في الثقة، ثم تعرفنا على الفرق بينهما، وذكرنا ثمار الثقة بالله، بعد أن تعرفنا على كيفية بلوغ الرجاء، وأشرنا إلى الآيات التي ورد فيها الرجاء، ثم تطرقنا إلى ذكر أمثلة بعض الأنبياء والصالحين رجاء.